مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١ - الصفحة ٣٧
والنجاشي من جملة كتب سعد، وأوردا أسانيدهما الصحيحة إليه، ومؤلفه في الثقة والفضل والجلالة فوق الوصف والبيان، ونقل الشيخ في كتاب الغيبة والكشي في كتاب الرجال من هذا الكتاب) (40) ويظهر من كلام المجلسي - وهو الخبير بكتب الطائفة وشؤونها - عدة أمور:
الأول: أن ما ذكره النجاشي بعنوان (فرق الشيعة) هو بعينه ما ذكره الشيخ بعنوان (مقالات الإمامية)، وأن التسميتين لمسمى واحد، وإلى هذا الرأي يذهب علم الفن الشيخ آقا بزرگ الطهراني على ما يظهر من موسوعته (الذريعة) حيث عنون كتاب سعد بفرق الشيعة تارة وبالمقالات أخرى (41).
الثاني: أن العنوان المثبت في نسخة المجلسي - أعني (المقالات) والفرق... إلى آخره) - إنما هو بيان لموضوع الكتاب، وأما اسمه فهو أحد الاسمين عند النجاشي والطوسي.
الثالث: أن ما ذكره الكشي في كتاب الرجال نقلا عن بعض أهل العلم، إنما هو منقول عن كتاب سعد هذا: (المقالات)، ويؤكد هذا أنا نجد ما أثبته الكشي مطابقا لما في المقالات حرفيا، وإليك الموارد للمقارنة:
1 - في تعريف الفطحية: أصحاب عبد الله الأفطح (42) 2 - في تعريف البشيرية، أصحاب محمد بن بشير الأسدي (43)، وفي هذا المورد روى الكشي رواية جاء مؤلف المقالات سعد بن عبد الله الأشعري في سندها.
3 - في التعريف بعبد الله بن سبأ، المنسوبة إليه فرقة السبئية (44).
4 - في التعريف بمحمد بن نصير النميري، المنسوبة إليه فرقة النصيرية (45).
والذي يبدو بعد المقارنة أن الكشي - بالرغم من أن عبارته مطابقة بالنص لما في المقالات - لم يصرح بالنقل عن كتاب الأشعري، بل لم يسند كلامه إلى سعد صريحا، إلا ما يسنده بعنوان مبهم، كقوله: (بعض أهل العلم) مثلا، وإنما صرح باسم سعد في المورد الثاني كما أشرنا إلى ذلك في سند رواية أوردها، وهذا التصريح وإن كان محتملا للنقل عن كتابه بواسطة ابن قولويه إلا أنه ظاهر في التحمل الشفهي.
لكن المتراءى من العلامة المجلسي فهمه أن الكشي إنما اعتمد أصل كتاب الأشعري: (المقالات)، وكذا الأستاذ إقبال لا يشك في ذلك، فيقول ما ترجمته: (لكن يظهر بوضوح أن نقله إنما هو من كتاب سعد دون غيره، بمقارنة منقولاته [الكشي] بمنقولات الشيخ الطوسي) (46)، وذلك لأن منقولات الطوسي كما سيأتي مقتبسة من كتاب الأشعري بلا شك.
إنما تبقى نقطة واحدة وهي الاختلاف البسيط الذي يرى بين منقولات الكشي، والموجود في المقالات، ولقد أجاب الأستاذ إقبال عن هذه بقوله: (ولا يعبأ بما يلاحظ من حذف أو زيادة في الكلمات والحروف، فإن ذلك لا يضر بجوهر المضامين،
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست