القرينة الرابعة وهي خارجية:
إن التشابه الكبير بين الكتابين والذي ذكرناه سابقا يزيد في الظن باتحادهما وأنهما لمؤلف واحد، وحيث أن كتاب (فرق الشيعة) وإن نسب إلى النوبختي إلا أنه لم يقم دليل على صحة هذه النسبة، وقد أشرنا إلى ذلك فيما مر، كما أوضحنا عدم علمية ما ادعي دليلا على صحة النسبة، ومن جهة ثانية: فإن كتاب (المقالات) صحيح الانتساب إلى الأشعري كما أوضحناه أيضا.
ويحصل من مجموع هذا قياس ينتج: أن (فرق الشيعة) ليس للنوبختي وإنما هو مأخوذ من كتاب الأشعري.
وباجتماع هذه القرائن الأربع، وتأكد بعضها ببعض، يتحصل الاطمئنان بما ذهبنا إليه من أن (فرق الشيعة) ليس إلا نسخة مختصرة من (مقالات) الأشعري.
وليس هو النص الكامل لكتاب الأشعري كما زعم الأستاذ إقبال، لأنه لم يطلع على النص الكامل لكتاب (المقالات)، وإلا فمن الواضح أن النقول التي استند إليها فيما ذهب إليه أوفق بكتاب (المقالات) من (فرق الشيعة) وأكثر تطابقا معه.
هذا، ولم نعرف عن الشخص الذي قام بعملية الاختصار ولا عن زمن الاختصار بالتحديد، ولكن المقطوع به أنه لم يكن عالما بالفن، ولذا قد خلط وخبط في اختصاره، وفي رأينا أن الالتزام بهذا الرأي يعتبر الحد الوسط بين الرأيين، وبه تحل جميع مشاكل البحث، والحمد لله رب العالمين.