إن الموجود الطبيعي في النظرة الأولى، له حدوث وبقاء، ولكنه في النظرة الدقيقة، كله حدوث في حدوث، لأن مقتضى الحركة الجوهرية هو كون العالم في تبدل مستمر وتجدد دائم، بأعراضها وجواهرها، فذوات الأشياء في تجدد واندثار متواصل، وما أشبه العالم بالصورة المنعكسة في الماء الجاري، فهي ثابتة في النظرة الأولى، ولكنها في النظرة الدقيقة متعددة متبدلة حسب تبدل الماء، ولأجل أن العالم بجميع أجزائه في حال السيلان والجريان، ينتزع الزمان من هذا الجوهر السيال، كما ينتزع من حركة الشمس والقمر والأرض قال سبحانه * (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) * (1).
4. الوجود الإمكاني وجود رابط هذا إذا كان الإمكان وصفا للماهية، وإذا كان وصفا للوجود، فمعناه، كون الوجود رابطا لا نفسيا، قائما بالغير لا موجودا بنفسه، فإن معنى الإمكان إذا وصف به الوجود، غيره إذا وصفت به الماهية، فإن معناها في الثانية تساوي نسبة الوجود والعدم إليها، والإمكان بهذا المعنى غير متصور في الوجود الإمكاني، إذ لا ماهية له، وإنما هو وجود صرف إمكاني ولا معنى لتساوي