في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٠
وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به (1).
ويظهر هذا التقسيم في كثير من الكلمات وقد رووا عن عمر بن الخطاب أنه بعد ما رأى أن أبي بن كعب أقام صلاة التراويح جماعة وصف ذلك الفعل بالبدعة الحسنة (2).
لكن هذا التقسيم باطل لو أريد منه البدعة بمعناها المصطلح عند الفقهاء أي " إدخال ما ليس من الدين في الدين ".
وهذا المعنى ليس إلا قسما واحدا وهو محرم بالكتاب والسنة، والعقل والإجماع إلى يوم القيامة، ولا يسوغها شئ قط، ولا مبرر لتقسيمها إلى البدعة الحسنة والبدعة السيئة ما دامت من باب إدخال ما ليس من الدين، في الدين.
نعم يصح هذا التقسيم بالنسبة إلى التقاليد والأعراف الاجتماعية، وأي شئ محدث آخر في حياة المجتمعات من العادات والرسوم، فما يؤتى منها من دون الإسناد إلى الدين، ولم يكن محرما بالذات شرعا كان بدعة حسنة، ومفيدة مثل ما إذا احتفل الشعب بيوم استقلاله، أو تجمع للبراءة من أعدائه أو أقام الأفراح لمولد بطل من أبطاله، أو ما هو معهود ومرسوم بين الملوك والرؤساء بأن يبرق كل إلى الآخر بمناسبة عيد الاستقلال الوطني، أو ولادة الرئيس إظهارا للفرح، وتجسيدا للتوادد المحمود عقلا.

(١) النهاية لابن الأثير مادة " بدعة "، ج 1: 106.
(2) صحيح البخاري: مجلد 3 كتاب التراويح ص 156.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 63 64 65 66 ... » »»