في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٢٣
فالمدرسة الإلهية والمدرسة المادية، تشتركان في الاعتقاد بقانون العلية والمعلولية، وتفترقان في التبعية والأصالة.
ولا أرى أن أحدا يصف التوسل بالأسباب (بما أنها قائمة بالله سبحانه ومؤثرة بإذنه ومشيئته) بالشرك، كيف وهذا هو أساس الحياة، وطبيعتها ونظامها.
إن القرآن الكريم يصف ذا القرنين بقوله: * (حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما * ائتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال ائتوني أفرغ عليه قطرا * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا * قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا) * (1).
إن الإمعان في هذه الآيات يقودنا إلى دروس عديدة في التوحيد نشير إلى بعضها:
1 - إن طلب العون من البشر لا ينافي التوحيد، ولا يوجب الشرك، حتى ولو فسر الشرك بأنه عبارة عن التعلق بغير الله سبحانه. فهذا هو ذو القرنين الذي يصف الله سبحانه مقامه ومنزلته بقوله: * (إنا مكنا له في

(١) الكهف: ٩٣ - 98.
(٢٢٣)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»