في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢١٨
ولو كان المراد كون القبر أمامه وحيال وجهه، فيحمل على الكراهة لجريان سيرة المسلمين على الصلاة في الصفة في مسجد النبي والقبر بحيال المصلي، وفي مقابله.
ثم روى المفسرون في تفسير قوله سبحانه: * (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) * (1). عن ابن عباس أنه قال: هؤلاء كانوا قوما صالحين في قومهم فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم فلما طال عليهم الأمد عبدوهم.
قال القرطبي: روى الأئمة عن أبي مرصد الغنوي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها " (لفظ مسلم) أي لا تتخذوها قبلة، فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى (2).
ويؤيد ذلك ما مر من رواية مسلم في صحيحه عن النبي الأكرم أنه قال حينما قالت أم حبيبة وأم سلمة بأنهما رأتا تصاوير في إحدى كنائس الحبشة: أن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة (3).
إن الهدف من وضع صور الصالحين بجوار قبورهم كان إما لغاية اتخاذها قبلة، أو عبادة أصحابها، كالصنم المنصوب، ومعه لا يمكن أن يستدل به وبأمثاله من الأحاديث على تحريم مطلق اتخاذ القبور مساجد،

(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»