وما هذا إلا لأن الذي من شيعته كان يعتقد بأن موسى لو أغاثه فإنما يغيثه بقوة وبإذن من الله سبحانه، ويدل عليه عدم ردع موسى له.
ثم إن هذا هو الذكر الحكيم - مع أنه يحصر النصر بالله بقوله: * (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) * (1)، يطلب النصر من المؤمنين ويقول عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم (2)) *.
كما ويمدح الأنصار الذين آووا النبي ونصروه ويقول سبحانه: * (الذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض) * (3).
هذه الآيات وأمثالها تكشف عن أصل رصين تدور عليه رحى الحياة، وهو مشروعية التمسك بالأسباب الطبيعية وطلب النصر من الناس، والاستغاثة بهم بشرط أن يعتقد الطالب والمستغيث أنها أسباب ووسائل غير أصيلة، قائمة بالله سبحانه، نافذة بإذنه ومشيئته، وإن ذلك بالتالي ليس بشرك.
إن الاستعانة بالناس والاستغاثة بهم لا يتنافى مع حصر الاستعانة بالله في قوله:
* (إياك نعبد وإياك نستعين) * لأن الاستعانة بهم (باعتقاد أنه سبحانه هو الذي أمدهم بالقوة فلو قاموا بعمل فإنما يقومون به بحوله وقوته سبحانه) يؤكد حصر الاستعانة فيه عز وجل.