وإنما ينافي الحصر لو اعتقدنا بأن للأسباب والوسائط أصالة واستقلالا في العمل والتصرف، وهذا مما لا يليق أن ينسب إلى موحد أبدا.
إن القرآن حافل بحصر أفعال بالله سبحانه، فهو ينسبها إليه في صورة الحصر، ولكنه يعود فينسبها في نفس الوقت إلى غيره وليس هناك تهافت وتضاد بين الإسنادين والنسبتين لأن المحصور بالله سبحانه غير المنسوب إلى غيره.
يقول سبحانه: * (إياك نستعين) * وفي الوقت نفسه يقول عز وجل * (استعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) * (1).
يقول سبحانه: * (إذا مرضت فهو يشفين) * (2). وفي الوقت نفسه يقول تعالى:
* (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) * (3).
يقول سبحانه: * (قل لله الشفاعة جميعا) * (4). وفي الوقت نفسه يثبت الشفاعة للملك يقول: * (كم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) * (5).
إلى غير ذلك من الآيات الواردة في وفاة النفوس وكتابة الأعمال مما أسند فعله إلى الله بصورة الحصر وإلى غيره أيضا، من غير تضاد أو تناقض لأن الفعل المحصور بالله هو غير المنسوب إلى غيره، فالصادر من الله يكون