في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٣٤
السلام وأخبره أنهم مسقون (1).
فالحديث يكشف عن أن التوسل بدعاء النبي بعد رحلته كان رائجا، ولو كان عملا محرما أو بدعة فلماذا توسل هذا الرجل بدعائه، ولماذا بكى الخليفة بعد سماع كلامه كما ورد في ذيل الحديث؟
وقد روي في هذا النوع من التوسل طائفة من الروايات مبثوثة في الكتب، وهي بين صحيحة السند وضعيفة السند لكنها تشترك في إثبات شيوع هذا النوع من التوسل بعد رحلة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا مضافا إلى أن هذه الروايات أصحت أسانيدها أم لا تكشف عن أمرين:
1 - أن طلب الدعاء من النبي بعد رحلته لا ينافي التوحيد وإلا لما فعله المسلمون الأوائل.
2 - أن طلب الدعاء منه في هذه الحالة ليس أمرا محرما.
وذلك أنه لو كان التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد رحلته شركا، يوجب الخروج عن الدين أو أمرا محرما، يجب أن يتوب عنه المسلم، فلماذا قام كثير من المحدثين بعد رحلته صلى الله عليه وآله وسلم بنقلها والاحتجاج بها؟!
أوليس عارا على محدث إسلامي أن ينقل في جامعه حديثا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشتمل على الشرك والأمر المحرم الواضح ولا يعلق عليه بشئ.
ولنفترض أن بعض رواة هذه الأحاديث قد وضع هذه الروايات لغاية

(1) دلائل النبوة ج 7، باب ما جاء في رؤية النبي في المنام: 47.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»