وعلى ذلك فيكون المراد من قوله: * (وقال الذين غلبوا على أمرهم) * هم المؤمنون بالمسيح الذين غلبوا على الوثنية، فكانت الغلبة دينية معنوية لا غلبة الكلمة والنفوذ.
قال الطبري في تفسير قوله تعالى: * (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة) *.
إن المبعوث دخل المدينة فجعل يمشي بين ظهري سوقها فيسمع أناسا كثيرين يحلفون باسم عيسى بن مريم فزاد فرقا ورأى أنه حيران، فقام مسندا ظهره إلى جدار من جدر المدينة ويقول في نفسه: أما عشية أمس فليس على الأرض إنسان يذكر عيسى بن مريم إلا قتل، أما الغداة فأسمعهم وكل إنسان يذكر أمر عيسى لا يخاف، ثم قال في نفسه: لعل هذه ليست بالمدينة التي أعرف (1).
وبذلك تقف على قيمة ما ذكره محمد ناصر الدين الألباني حيث رد دلالة الآية على جواز اتخاذ القبور مسجدا بقوله: والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ ولكن هل هم محمودون أم لا، ففيه نظر (2).
فإن كلام الطبري هذا يفيد أن أتباع الدين المسيحي هم الذين غلبوا، بعد أن كانوا مغلوبين.