في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٠٢
سيرة المسلمين في بناء المساجد على القبور:
إن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم دفن في بيته، إما لأجل الرواية التي نسبت إلى أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم " لم يقبر نبي إلا حيث يموت " (1).
وإما لأجل تصويب من أهل بيته ووصيه علي وابنته فاطمة، وموافقة بل اقتراح من جانبهم.
وكان بيت النبي الذي دفن فيه بجوار المسجد النبوي، بحيث كان النبي يدخل المسجد من باب ذلك البيت، وكان المسجد واقعا في الجانب الغربي من القبر، ولما كثر المسلمون وازداد عددهم، وضاق المسجد بهم أدخلوا الجانب الشرقي الذي كان فيه بيوت أزواج النبي، والبيت الذي دفن فيه صلى الله عليه وآله و سلم بحيث وقعت البيوت في أواسط المسجد النبوي، بحيث يقف المصلون أطراف القبر من الجوانب الأربعة ويحيطون به.
يقول الطبري في حوادث سنة 88 أنه في شهر ربيع الأول من هذه السنة قدم كتاب الوليد على عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم المسجد النبوي

(1) في النفس من صحة هذا الحديث شئ لأنه لو كان دفن النبي حيث يموت حكما إلهيا لوجب على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إعلام وصيه وأهل بيته بذلك قبل أن يعلم الآخرين به، وكيف يمكن أن يكتم النبي هذا الأمر عن أهل بيته ولهذا لا تسكن النفس إلى هذا الخبر. وهذا يشبه ما نسب إليه بعض الصحابة من أنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
" نحن معاشر الأنبياء لا نورث " إذ لو كان هذا حكما إلهيا لوجب على النبي صلى الله عليه وآله و سلم إعلام ورثته به، فكيف يمكن أن يموت النبي وابنته إلى جنبه ولا ينبس لها بهذا الحديث ببنت شفة، ثم يترك أهل بيته في حيرة وضلال حيث لم يعلمهم بواجبهم!!
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»