في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٠٣
وإضافة حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن يوسعه من قبلته وسائر نواحيه، باشتراء الأملاك المحيطة به فأخبر عمر الفقهاء العشرة وأهل المدينة بذلك، فحبذوا بقاء تلك الحجر على حالها ليعتبر بها المسلمون، ويكون أدعى لهم إلى الزهد اقتداء بنبيهم فكاتب ابن عبد العزيز الوليد في ذلك فأرسل إليه يأمره بالخراب، وتنفيذ ما ذكره في كتابه الأول، فضج بنو هاشم وتباكوا ولكن عمر نفذ ما أمره به الوليد، فأدخل الحجرة النبوية (حجرة عائشة) في المسجد فدخل القبر في المسجد وسائر حجرات أمهات المؤمنين، وقد بني عليه سقف مرتفع كما أمر الوليد (1).
نحن لا نحتج بأمر " الوليد " ولا بعمل " عمر بن عبد العزيز " وإن كان القوم يحتجون به لأنه أحد العدول عندهم، بل نحتج بتقرير التابعين لأصل العمل ولم ينقل عن أحد منهم الإنكار.
نعم نقل عن سعيد بن المسيب أنه أنكر هذا العمل ولكن نقله مرسل لا مسند ولم يعلم أن إنكاره كان لأجل إدخال القبر ضمن المسجد، بل من المحتمل لأجل أن التخريب كان بعنف، ومن دون رضا أصحاب البيوت من بني هاشم الذي ضجوا لهذا الأمر كما صرح به ابن كثير. وإليك نص السمهودي:... ما رأيت يوما أكثر باكيا من ذلك اليوم، قال عطاء: فسمعت سعيد بن المسيب يقول:
والله لوددت أنهم تركوها على حالها (2).

(١) راجع تاريخ الطبري ٥: ٢٢٢، والبداية والنهاية ٨: ٦٥.
(2) السمهودي: وفاء الوفا 2: 517 والضمير في قوله " على حالها " يرجع إلى حجرات أزواج النبي عامة لا خصوص الحجرة التي دفن النبي فيها.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»