عدم وضع حد منطقي يميز به فعل الله سبحانه عن فعل عباده.
فربما يتخيل أن الميزان هو كون الفعل الخارق للعادة، فعله سبحانه، والموافق للعادة هو فعل عباده، مع أن هذا التعريف غير صحيح أبدا لما عرفت من أن من طلب حاجة من حي وإن كان جاريا على وفق العادة، وتصور أنه يقوم به مستقلا وبحول وقوة ذاتيتين، فقد زعم أنه إله ويكون طلبه عبادة له، وإنما الميزان كون الفاعل إنما يفعل ما يفعل بحول وقوة نابعة من نفسه أو بحول مكتسب وقوة مأذونة، فيكون في الأول ملازما لألوهيته وفي الثانية غير ملازم لربوبيته.
وخلاصة القول:
أن الميزان الصحيح في تمييز فعل الله عن فعل غير الله هو الاستقلالية والأصالة في القيام بالفعل، لا الخارقية للعادة وغير الخارقية للعادة.
فإن فعل الله هو ما يكون مستندا إلى استقلال في التأثير، وأصالة في القدرة، أي أن الله يأتي به من دون أن يعتمد على أحد أو يستأذن أحدا فوقه.
بينما فعل غير الله هو ما يكون صادرا عن قدرة مكتسبة، وواقعة بإذن وإجازة من الله سبحانه، سواء كان هذا الفعل خارقا للعادة أو غير خارق للعادة.
فمن اعتقد بصدور فعل (عادي أو غير عادي) من أحد على الطراز الأول فقد اعتقد بألوهيته لأنه أضفى على فعله طابع الفعل الألوهي وصبغه بصبغة الألوهية، فكان مشركا.