ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عز وجل، أنس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض، كل ذلك وحشة مما ورث النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض.
أهل حسرات، وكهوف شبهات، وأهل عشوات، وضلالة وريبة، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها.
ووا أسفا من فعلات شيعتنا من بعد قرب مودتها اليوم، كيف يستذل بعدي بعضها بعضا، وكيف يقتل بعضها بعضا؟ المتشتة غدا عن الأصل، النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته كل حزب منهم آخذ منه بغصن أينما مال الغصن مال معه، مع أن الله وله الحمد سيجمع هؤلاء لشر يوم - لبني أمية - كما يجمع قزع الخريف. يؤلف الله بينهم، ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين سيل العرم حيث نقب عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة، ولم يرد سننه رص طود، يذعذهم الله في بطون أودية، ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمكن بهم قوما في ديار قوم، تشريدا - لبني أمية - ولكي لا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع الله بهم ركنا، وينقض بهم طي الجنادل من إرم، ويملا منهم بطنان الزيتون.
فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليكونن ذلك، وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم، وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد كما تذوب الالية على النار، من مات منهم مات ضالا وإلى الله عز وجل يفضي منهم من درج، ويتوب الله عز وجل على من تاب، ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء، وليس لاحد على الله عز ذكره الخيرة، بل لله الخيرة والامر جميعا.
أيها الناس! إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير، ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوي عليكم، وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على