عقيدة المسلمين في المهدي عليه السلام - مؤسسة نهج البلاغة - ج ١ - الصفحة ٢٥٣
26 - وبه عن الحصين بن عبد الرحمان عن أبيه، عن جده عمرو بن سعد، قال: قال أمير المؤمنين _ عليه السلام _: لا تقوم القيامة حتى تفقأ عين الدنيا، وتظهر الحمرة في
المعروف الخ أي المعروف والخير عندهم ما يعدونه معروفا ويستحسنونه بعقولهم الناقصة وإن كان منكرا في نفس الامر أو المعنى أن المعروف والمنكر تابعان لارادتهم وميول طبائعهم وشهواتهم فما اشتهته أنفسهم وإن أنكرته الشريعة فهو المعروف عندهم بعرى وثيقات أي يظنون أنهم تمسكوا بدلائل وبراهين فيما يدعون من الأمور الباطلة.
وأسباب محكمات أي يزعمون أنهم تعلقوا بوسائل محكمة فيمن يتوسلون بهم من أئمة الجور انس بعضهم على الفعل أو المصدر والثاني أظهر وحشة أي يفعلون كل ذلك لوحشتهم ونفورهم عن العلوم التي ورثها النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أهل بيته أهل حسرات بعد الموت وفي القيامة وفي النار و كهوف شبهات أي تأوي إليهم الشبهات لأنهم يقبلون إليها ويفتتنون بها وفي بعض النسخ وكفر وشبهات فيكونان معطوفين على حسرات.
وقال الجوهري: العشوة أن يركب أمرا على غير بيان ويقال: أخذت عليهم بالعشوة أي بالسواد من الليل فهو مأمون خبر للموصول، والمعنى أن حسن ظن الناس والعوام بهم إنما هو لجهلهم بضلالتهم وجهالتهم ويحتمل أن يكون المراد بالموصول أئمة من قد ذمهم سابقا لا أنفسهم من فعلات شيعتي أي من يتبعني اليوم ظاهرا واليوم ظرف للقرب المتشتة أي هم الذين يتفرقون عن أئمة الحق ولا ينصرونهم ويتعلقون بالفروع التي لا ينفع التعلق بها بدون التشبث بالأصل كاتباعهم المختار وأبا مسلم وزيدا وأضرابهم بعد تفرقهم عن الأئمة _ عليهم السلام _ من غير جهته أي من غير الجهة التي يرجى منها الفتح أو من غير الجهة التي أمروا بالاستفتاح منها فإن خروجهم بغير إذن الامام كان معصية.
لشر يوم إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم لدفع بني أمية وقد فعلوا لكن سلطوا على أئمة الحق من هو شر منهم وقال الجزري وفي حديث علي: فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف أي قطع السحاب المتفرقة وإنما خص الخريف لأنه أول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك وقال: الركام، السحاب المتراكم بعضه فوق بعض.
أقول: نسبة الجمع إليه تعالى مجاز لعدم منعهم عنه وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيارهم ثم يفتح لهم فتح الأبواب كناية عما هي لهم من أسبابهم وإصابة تدبيراتهم واجتماعهم وعدم تخاذلهم.
والمستشار موضع ثورانهم وهيجانهم ثم شبه _ عليه السلام _ تسليط هذا الجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلط الله على أهل سبأ بعد إتمام النعمة عليهم لكفرانهم، وإنما سمي ذلك بسيل العرم لصعوبته أي سيل الامر العرم أي الصعب أو المراد بالعرم المطر الشديد أو الجرذ أضاف إليه لأنه نقب عليهم سدا ضربت لهم بلقيس وقيل اسم لذلك السد وقد مرت القصة في كتاب النبوة.
والضمير في عليه إما راجع إلى السيل فعلى تعليلية أو إلى العرم إذا فسر بالسد. وفي بعض النسخ بعث وفي بعضها نقب بالنون والقاف والباء الموحدة فقوله فارة مرفوع بالفاعلية وفي النهج كسيل الجنتين حيث لم تسلم عليه قارة ولم تثبت له أكمة والقارة الجبل الصغير والأكمة هي الموضع الذي يكون أشد ارتفاعا مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا والحاصل بيان شدة السيل المشبه به بأنه أحاط بالجبال وذهب بالتلال ولم يمنعه شئ. والسنن الطريق والرص التصاق الاجزاء بعضها ببعض والطود الجبل أي لم يرد طريقه طود مرصوص.