ولا متصلة بها، وإنما وضعت بينها إما بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله)، أو عند التأليف بعد الرحلة.
ويؤيده أن آية: * (وقرن في بيوتكن) * على انسجامها واتصالها، لو قدر ارتفاع آية التطهير من بين جملها، فموقع آية التطهير من آية: وقرن في بيوتكن - كموقع آية: * (اليوم يئس الذين كفروا) * من آية محرمات الأكل من سورة المائدة، وقد تقدم الكلام في ذلك في الجزء الخامس من الكتاب (1).
* قال في الجزء الخامس:
قوله تعالى: * (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون) * (2) أمر الآية في حلولها محلها وفي دلالتها عجيب، فإنك إذا تأملت صدر الآية، أعني قوله تعالى:
* (حرمت عليكم الميتة والدم - إلى قوله: ذلكم فسق) *، وأضفت إليه ذيلها، أعني قوله:
* (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) * وجدته كلاما تاما غير متوقف في تمام معناه، وإفادة المراد منه إلى شئ من قوله: * (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) * إلخ، أصلا، وألفيته آية كاملة مماثلة لما تقدم عليها في النزول من الآيات الواقعة في سور الأنعام والنحل والبقرة المبينة لمحرمات الطعام، ففي سورة البقرة: * (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) *.
ويماثله ما في سورتي الأنعام والنحل.
وينتج ذلك: أن قوله: * (اليوم يئس الذين كفروا) * إلخ، كلام معترض موضوع في وسط هذه الآية، غير متوقف عليه لفظ الآية في دلالتها وبيانها، سواء قلنا: إن الآية نازلة في وسط الآية فتخللت بينها من أول ما نزلت أو قلنا: إن النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي أمر كتاب الوحي بوضع الآية في هذا الموضع، مع انفصال الآيتين واختلافهما نزولا.