رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٩٧
والذي يدل على أن المراد من اللقاء ليس هو الرؤية، هو أن الرؤية تختص بالمؤمنين ولا تعم الكافرين، مع أنه سبحانه يعمم اللقاء بالمؤمن والكافر فيقول:
(فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه) (التوبة / 7) فلو كان المراد من لقاء الله هو مشاهدته ورؤيته فيلزم أن يكون المنافق مشاهدا له، فلم تبق أي فضيلة للمؤمنين، مع أن القائلين بالرؤية يزمرون بأن الرؤية فضيلة وزيادة تختص بالمؤمنين.
ولما ضاق الخناق على بعضهم قال بوجود رؤيتين: إحداهما عامة للمؤمن والكافر، وهي الرؤية يوم القيامة، والأخرى خاصة بالمؤمنين وهي الرؤية في الجنة (1). وهو كما ترى، فإن ظرف الرؤية للمؤمنين في رواية أبي هريرة هو يوم القيامة كما سيوافيك، وفيه يرى المؤمنون خالقهم على صورته الواقعية.
وفي الختام نقول: إن منزلة آيات اللقاء هي منزلة آيات الرجوع إلى الله، قال سبحانه: (إنا لله وإنا إليه راجعون) (البقرة / 156) ولم نر سلفيا أو أشعريا يستدل بها على رؤية الله سبحانه، مع أن وزان الجميع واحد.
الآية الخامسة: آية الحجب (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون * ثم إنهم لصالوا الجحيم * ثم يقال هذا الذي كنتم به

(1) الدكتور أحمد بن ناصر، رؤية الله تعالى: 240.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»