رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٩
خلق عليها، وقد بين سبحانه أنه خلق ضعيفا.
2 - تعليق الرؤية على أمر غير واقع:
علق سبحانه الرؤية على استقرار الجبل وبقائه على الحالة التي كان عليها عند التجلي، وعدم تحوله إلى ذرات ترابية صغار بعده، والمفروض أنه لم يبق على حالته السابقة، وبطلت هويته، وصارت ترابا مدكوكا، فإذا انتفى المعلق عليه (بقاء الجبل على حالته) ينتفي المعلق، وهذا النوع من التعليق في كلامهم، طريقة معروفة حيث يعلقون وجود الشئ على ما يعلم عدم وقوعه وتحققه، والله سبحانه بما أنه يعلم أن الجبل لا يستقر في مكانه - بعد التجلي - فعلق الرؤية على استقراره، لكي يستدل بانتفائه على انتفائه، قال سبحانه: (ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) (الأعراف / 40).
والحاصل: أن المعلق عليه هو وجود الاستقرار بغض النظر عن كونه أمرا ممكنا أو مستحيلا، والمفروض أنه لا يستقر، فبانتفائه ينتفي ما علق عليه وهو الرؤية.
وبالإمعان فيما ذكر تستغني عن جل ما ذكره المتكلمون من المعتزلة والأشاعرة حول المعلق عليه (1).
ولإرادة نموذج من كلامهم نأتي بما ذكره الرازي، قال: إنه تعالى علق رؤيته على أمر جائز، والمعلق على الجائز جائز، فيلزم كون الرؤية

(1) القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة: 265; والشريف الجرجاني، المواقف 8: 121; والرازي، مفاتيح الغيب 14: 231، ولا حاجة لنقل كلماتهم في المقام.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»