رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٧
محل النزاع بين الأشاعرة ومن قبلهم الحنابلة وأصحاب الحديث، وبين غيرهم من أهل التنزيه، هو رؤية الله سبحانه بالأبصار التي هي نعمة من نعم الله سبحانه وطريق إلى وقوف الإنسان على الخارج.
يقول سبحانه: (هو الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) (النحل / 78).
فالمثبت للرؤية والنافي لها يركز على موضوع واحد هو الرؤية بالأبصار، وأن الخارج عن هذا الموضوع خارج عن إطار العقيدة.
وبذلك يظهر أن الرؤية بغير الأبصار تأويل للعقيدة التي أصر عليها أصحاب أحمد، بل الملتحق به الإمام الأشعري، ولا يمت إلى موضوع البحث بصلة، فقد نقل عن ضرار وحفص الفرد: إن الله لا يرى بالأبصار، ولكن يخلق لنا يوم القيامة حاسة سادسة غير حواسنا فندركه بها (1).
يقول ابن حزم: إن الرؤية السعيدة ليست بالقوة الموضوعة بالعين، بل بقوة أخرى موهوبة من الله (2).
إلى غير ذلك من الكلمات التي حرفت النقطة الرئيسية في البحث، ومعتقد أهل الحديث الأشاعرة، ونحن نركز في البحث على الرؤية بالأبصار، وأما الرؤية بغيرها فخارجة عن مجاله.
فإذا كانت الحنابلة والأشاعرة مصرين على جواز الرؤية، فأئمة

(1) الإمام الأشعري، مقالات الإسلاميين: 261.
(2) ابن حزم، الفصل 3: 2.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»