رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٥
يوافيك أن الكتاب يرد فكرة الرؤية ويستعظم أمرها وينكرها بشدة، وما استدل به على جواز الرؤية من الكتاب فلا يمت إلى الموضوع بصلة.
إن مسألة رؤية الله تعالى قد طرحت على صعيد البحث والجدال في القرن الثاني، عندما حيكت العقائد على نسق الأحاديث، ووردت فيها رؤيته سبحانه يوم القيامة، فلأجل ذلك عدت من العقائد الإسلامية، حتى أن الإمام الأشعري عندما تاب عن الاعتزال ولحق بأهل الحديث رقى يوم الجمعة كرسيا ونادى بأعلى صوته:
من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه نفسي، أنا فلان بن فلان كنت قلت بخلق القرآن وأن الله لا يرى بالأبصار وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأني تائب مقلع معتقد للرد على المعتزلة (1).
وقال في الإبانة: وندين بأن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار كما يرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون، كما جاءت الروايات عن رسول الله (2).
وقال في كتابه الآخر: بسم الله، إن قال قائل: لم قلتم إن رؤية الله بالأبصار جائزة من باب القياس؟ قيل له: قلنا ذلك لأن ما لا يجوز أن يوصف به تعالى ويستحيل عليه لا يلزم في القول بجواز الرؤية (3).
وهذا النص يعرب عن أن الرؤية كانت في ذلك العصر وفي عصر الإمام أحمد جزء من العقائد الإسلامية، ولذلك لا تجد كتابا كلاميا إلا

(1) ابن النديم، الفهرس: 271; ابن خلكان، وفيات الأعيان 3: 285.
(2) الإمام الأشعري، الإبانة: 21.
(3) الإمام الأشعري، اللمع: 61 بتلخيص.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»