دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٥٩
ز - كلمة أخيرة:
بعد عرضنا لهذه الأمور الخمسة، التي تجعلنا لا نركن إلى سلامة قصد الأشعري فيما اتخذه من موقف يبقى علينا أن نتساءل باستغراب، عن الداعي إلى مثل هذا الإخراج المسرحي المتقن، الذي أبرز به انفصاله عن أستاذه ومدرسته.؟
هل أراد الأشعري من ورائه، أن يسبق الزمن، لينجو مما بدت نذره في الأفق القريب مؤذنة بأفول نجم سعود المعتزلة، وطلوع نجم نحوسهم، بعد أن ابتدأت السلطة العباسية، بالتخلي عن موقفها المؤيد لهم، وبعد أن اشتدت النقمة الشعبية عليهم، إثر مصيبة ابن حنبل، فيما يسمى بمحنة خلق القرآن، والتي نسبت إليهم؟
قد يكون في تأكيده الشديد على خروجه من بين المعتزلة، وإصراره على البراءة منهم، ووعده القاطع بإخراج فضائحهم، وإعلانه الصريح عن توبته عما كان فيه، قد يكون في كل ذلك قرينة كبيرة على أن جواب تساؤلنا إيجابي ومثبت.
أم تراه أراد أن يستبق الزمن، ليستميل الحنابلة أنفسهم، علهم يرتضون سلوكه في جملتهم، فيظلله نجم سعودهم الذي بدت بشائره في الأفق القريب، فيجني من وراء ذلك الشهد، بعد أن أذاقهم مر العلقم؟
قد يكون تمجيده لإمامهم أحمد، وتعظيمه إياه في خطبته في مسجد البصرة عندما خرج على الناس بذلك الشكل الملفت للنظر، والتي سبق أن أثبتنا قسما منها في أوائل هذا البحث، قد يكون كل ذلك، قرينة كبيرة، تدل على أن جواب تساؤلنا هذا أيضا إيجابي ومثبت.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»