أي نبوغ أو ابتكار. إضافة إلى ذلك، نميل إلى عدم الإيمان بسلامة قصد الأشعري هذا فيما اتخذه من موقف من مدرسته وذلك لعدة أمور:
الأول: أننا وان كنا نؤمن بأن يخالف التلميذ أستاذه في بعض المسائل، اما أن يخالفه في كل صغيرة وكبيرة وجزئية وكلية، فهذا شئ، وإن لم يكن مستحيلا عقلا، إلا أنه مستحيل عادة خاصة إذا لم يكن التلميذ ممن يملكون قدرة على الخلق والابتكار كما هو الحال في تلميذ الجبائي.
الثاني: نحن وإن كنا نؤمن أن يخالف التلميذ أستاذه في بعض آرائه، أما أن ينقلب عليه وعلى مدرسته عدوا لدودا، لمجرد انه يخالفه أو يخالفها في الرأي، فهو شئ مستهجن، ومخالف للروح العلمية والخلق الديني، فكم من تلميذ اختلف مع أستاذه، وكم أستاذ قرع أكثر من تلميذ عنده، ومع ذلك لم نجد تلميذا اتخذ من أستاذه هذا الموقف الذي اتخذه الأشعري.
لقد خالف أبو علي الجبائي أستاذ أستاذه العلاف في عشرات المسائل ومع ذلك نجده لا يرى بعد الصحابة أعظم منه إلا من أخذ عنهم أبو الهذيل، كواصل وعمرو بن عبيد (1).
الثالث: ان الأشعري قضى أربعين عاما من عمره، يدافع عن مذهب الاعتزال، ويقرر براهينه، فهل كان طيلة هذه المدة يبني مذهبا يراه باطلا أو حقا؟ وسواء أجاب بهذا أو بذاك، فلن يكون الجواب في صالحه بحال لأنه إن كان يراه حقا فلماذا انقلب عليه؟
وإن كان يراه باطلا فلماذا أقام عليه ودافع عنه طيلة هذه المدة.