دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٤١
أما الطفرة من أحد طرفي القطر في الدائرة، إلى الطرف الآخر، من دون مرور بمركزها فمستحيلة.
وهذه الفرقة من المشبهة، بظهورها بهذا الشكل، وبهذه الصورة، وبهذه الأفكار، حطمت كل القواعد والأصول المتعارفة، لظهور أية جماعة فكرية أو غيرها في كل زمان ومكان.
أضف إلى ذلك، انها لم تدل بآرائها حول حكم شرعي، أو مشكلة تتعلق بالمخلوق، وإنما تجاوزت ذلك كله، لتفلسف ذات الخالق وصفاته.
ومن هنا كان لا بد، من وضع علامة استفهام كبيرة، مع علامة تعجب على هذه الظاهرة، متمثلة فيما يسمى بالمشبهة أو المجسمة.
وتظهر منطقية موقفنا هذا، إذا اطلعنا على أن التشبيه والتجسيم، لهما جذور في اليهودية، والنصرانية. بل إن اليهود - كما يذكر الرازي - (1) أكثرهم من المشبهة.
وإذا كان الأمر كذلك فليس من البعيد أبدا، أن يكون هؤلاء، المجسمة الذين برزوا على المسرح بهذا الشكل الملفت للنظر، من أعداء الإسلام، والحاقدين عليه، تظاهروا بالإيمان وأبطنوا الكفر، ليقوضوا دعائم الدين من داخل، وليشككوا المسلمين في عقيدتهم، ببثهم مثل هذه الآراء الفاسدة التي - كما يقول الشهرستاني - لا تدل على عقل ولا علم (2).
ولعله من هنا، عبر عنهم أئمة أهل البيت عليهم السلام، بأنهم مجوس هذه الأمة أو يهود هذه الأمة.

(1) إعتقادات فرق المسلمين والمشركين 63 وراجع ما قلناه في هامش ص 34 من هذا الكتاب.
(2) الملل والنحل 1 / 75 وما بعدها.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»