الرأي الأول يرى ابن سينا، أن الشرور على قسمين:
شر مطلق، وهو مما لا وجود له البتة.
وشر جزئي.
وهذه الشرور الجزئية، هي التي يمكن أن تدخل في القضاء الإلهي، دخولا عرضيا لا ذاتيا.
بمعنى أن ناموس الخير الكلي، لا يعقل أن يستقيم إلا إذا رافقه في بعض جوانبه وحالاته، شر جزئي.
ولا يعقل في ضوء المنطق والعقل السليم، أن ترفع اليد عن تحصيل الخير الكلي، للتخلص من الشر الجزئي العارض لهذا الخير. وذلك (كالنار، فإن الكون إنما يتم بأمر يكون فيه نار، ولن يتصور حصولها إلا على وجه تحرق وتسخن. ولم يكن بد من المصادمات الحادثة، ان تصادف ثوب فقير ناسك فيحترق. والأمر الدائم والأكثر حصول الخير من النار...) (1).
واما بالنسبة إلى بعض الشرور، كالخلق المشوه، والأمراض، وغيرها، يذهب ابن سينا إلى القول بأنها ليست راجعة إلى حرمان الفاعل، الذي هو الله، من العضو الناقص، أو الصحة، أو غيرها، بل إلى عدم استعداد في المنفعل.