دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٢٠٨
الرأي الأول يرى ابن سينا، أن الشرور على قسمين:
شر مطلق، وهو مما لا وجود له البتة.
وشر جزئي.
وهذه الشرور الجزئية، هي التي يمكن أن تدخل في القضاء الإلهي، دخولا عرضيا لا ذاتيا.
بمعنى أن ناموس الخير الكلي، لا يعقل أن يستقيم إلا إذا رافقه في بعض جوانبه وحالاته، شر جزئي.
ولا يعقل في ضوء المنطق والعقل السليم، أن ترفع اليد عن تحصيل الخير الكلي، للتخلص من الشر الجزئي العارض لهذا الخير. وذلك (كالنار، فإن الكون إنما يتم بأمر يكون فيه نار، ولن يتصور حصولها إلا على وجه تحرق وتسخن. ولم يكن بد من المصادمات الحادثة، ان تصادف ثوب فقير ناسك فيحترق. والأمر الدائم والأكثر حصول الخير من النار...) (1).
واما بالنسبة إلى بعض الشرور، كالخلق المشوه، والأمراض، وغيرها، يذهب ابن سينا إلى القول بأنها ليست راجعة إلى حرمان الفاعل، الذي هو الله، من العضو الناقص، أو الصحة، أو غيرها، بل إلى عدم استعداد في المنفعل.

(1) الإشارات والتنبيهات 2 / 78 وما بعدها.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»