وانطلاقا من هذه النقطة بالذات، لا بد لنا من الإلتزام بأن هذه الآلام التي تحصل في هذه الحياة، قد صدرت بمعنى من المعاني عنه سبحانه.
ولكن، كيف يمكن أن تصدر هذه الآلام عن الله مع فرض كونه عادلا...؟
عود على بدء هنا لا بد لنا من العودة قليلا إلى ما سقناه من تعريف للعدل، باعتباره وصفا للفعل الإلهي.
فالعدل كما مر، هو ما يقتضيه العقل من الحكمة ومن إصدار الفعل على وجه الصواب والمصلحة....
وإذا أخذنا في مفهوم العدل عنصري الحكمة والمصلحة فكل فعل اشتمل على هذين العنصرين، لا بد وأن يكون عدلا.
وعلى ضوء ذلك كله، نطرح مسألة الآلام لنعالجها.
إنه لمن الواضح، ان هذا المخلوق، قد أنيطت به مسؤولية عظمى طلب منه تحقيقها في هذا الكون، ألا وهي خلافته لله على الأرض.
والذي نفهمه من معنى الخلافة هذه، هو إعمار الأرض، وإغناء الحضارة البشرية، بكل ما يقرب الإنسان من سعادته الحقيقية، وكماله الإنساني الراقي.