ولا إشكال في أن العقل يحكم مستقلا، بكون الظلم - الذي هو ضد العدل - قبيحا.
وإذن، يستحيل على الله سبحانه أن يختاره.
لأنه إن فعله...
فإما لجهله بقبحه، وهو مناف لفرض كونه العالم المطلق.
وإما لحاجته إلى فعله، وهو مناف لكونه الغني المطلق.
ويمكن أن نمثل بالإنسان، لأن طرق الأدلة لا تختلف شاهدا وغائبا.
فالإنسان، يرى ضرورة أنه إذا كان عالما بقبح القبيح، مستغنيا عنه، عالما باستغنائه عنه، فإنه لا يختار القبيح البتة. وإنما لا يختاره لعلمه بقبحه، وبغناه عنه..... يبين ما ذكرناه ويوضحه أن أحدنا لو خير بين الصدق والكذب، وكان النفع في أحدهما كالنفع في الآخر، وقيل له: إن كذبت أعطيناك درهما، وهو عالم بقبح الكذب، مستغن عنه، عالم باستغنائه عنه، فإنه قط لا يختار الكذب على الصدق.....
وإذا كان هذا في حق الإنسان المحدود ثابتا، فهو في حق خالق الإنسان المطلق أولى بالثبوت...
الدليل الثاني إن القدرة، من أهم الصفات التي يتصف بها واجب الوجود...