وأما العدل كوصف للفعل الإلهي عند هؤلاء فهو كما يذكر الشهرستاني (1):
ما يقتضيه العقل من الحكمة ومن إصدار الفعل على وجه الصواب والمصلحة.
ويتضح لمن دقق في هذا التعريف للعدل، المنحى الأخلاقي عند هذا الفريق من المتكلمين المسلمين، في نظرته إلى العدل الإلهي، المنبثق عن النزعة العقلية.
ويتضح أيضا، الفرق بين هذا المنحى مع ما فيه من تحرك وإيجابية يسودان الفعل الإلهي في تعلقه بالإنسان كمخلوق وكمكلف، وبين موقف الأشاعرة، عندما جعلوه - نظريا - ساكنا مقتصرا على الذات الإلهية، ومقطوع الجذور من دون نظر إلى تعلقه بمثل هذا الإنسان...!!
وجهة نظر ولكن هذا الاختلاف بين الأشاعرة وغيرهم من متكلمي الإسلام، حول كون العدل أصلا من الأصول الاعتقادية القائمة برأسها، المنبثقة عن النزعة العقلية إلى ما تقتضيه الحكمة، وبين كونه متفرعا ومتكئا على أصل آخر من الأصول المتفق على وجوب توفرها في واجب الوجود لذاته، كالعلم والقدرة والمشيئة.
أقول: هذا الاختلاف لا يؤثر بحال، في إجماعهم على ضرورة اتصاف الله سبحانه بهذه الصفة، التي هي العدل.