دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٢١٥
إلى جعلهم في نعيم دائم مستمر من دون آلام؟ فإذا قلتم بأنه غير قادر فقد نسبتم العجز إليه سبحانه.
وإذا قلتم بأنه قادر، فلماذا يختار الآلام للناس دون سعادتهم... وأين هذا من العدل...؟
والجواب: على هذا الاعتراض، هو أن الله قادر على ذلك بلا ريب، ولكنه لم يفعله، لأن فيه إجبارا للإنسان على الطاعة والصلاح.
وفكرة الجبر هذه، مما لا يمكن الموافقة عليه، لأنها تستلزم إبطال فلسفة الثواب والعقاب، وبالتالي انهيار القاعدة التي ترتكز عليها فلسفة التكليف بشكل عام.
الثاني: لو سلمنا بأن الآلام التي تواجه الإنسان، إنما اقتضتها الحكمة واشتملت على المصلحة بالنسبة للإنسان نفسه - كما ذكرت - إلا إنها انما تصح بالنسبة للمكلفين من بني البشر، فما بالنا نجد هذه الآلام والمصائب، تصيب الأطفال والبهائم، لمن لا يتعقل في حقهم تكليف مطلقا. فضلا عن أن يتعقل في حقهم قرب من طاعة، أو بعد عن معصية. فأين الحكمة في كل ذلك..!؟
والجواب: على هذا الإشكال، أن إيلام غير المكلفين، من الأطفال والبهائم، إنما يكون ظلما، فيما إذا لم يتوافر فيه أمران:
الأول: الاعتبار.
ومعنى الاعتبار، أن هناك نوعا من الناس، قد تصيبهم الآلام والمصائب في أنفسهم، ومع ذلك نراهم لا يعتبرون،
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 » »»