خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٩٥
وننتهي من كل هذا إلى أن مفهوم الحياة هو ما يحضر في أذهاننا من معنى ومدلول عند سماعنا لكلمة حياة.
الا أنها في حقه تعالى تختلف عنها في حقنا، وذلك أن حياتنا يدركها الموت فيبطلها.
أما في حقه تعالى فحياته لا يدركها موت ولا يلحقها فناء، يقول السيد الطباطبائي: ان الحياة الحقيقية يجب أن تكون بحيث يستحيل طرو الموت عليها لذاتها، ولا يتصور ذلك الا بكون الحياة عين ذات الحي غير عارضة لها، ولا طارئة عليها بتمليك الغير وإفاضته، قال تعالى:
(وتوكل على الحي الذي لا يموت) - الفرقان 58 -.
وعلى هذا فالحياة الحقيقية هي الحياة الواجبة، وهي كون وجوده بحيث يعلم ويقدر (1).
الدليل على أنه حي:
ووفقا لمنهجهم في الاستدلال على اتصاف الذات بالحياة باتصافها بالعلم والقدرة للملازمة بينهما وبينها، وكما يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي: وهو حي لأن أحدنا متى خرج عن أن يكون حيا استحال أن يعلم ويقدر، ومتى صار حيا صح ذلك فيه، وأحواله كلها على السلامة.
فإذا كان الله تعالى عالما قادرا فيجب ان يكون حيا لم يزل ولا يزال (2).
أقول: إننا بعد أن أثبتنا وجود المبدأ الأول أو الذات الإلهية، وعرفنا أن معنى الإله هو الخالق المدبر.. والخالق هو الذي يفيض الوجود على مخلوقه.. والمدبر هو الذي يدبر المخلوق في متطلبات ومقتضيات وجوده.

(1) الميزان 2 / 330.
(2) المختصر في أصول الدين 328.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»