خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٣٠٢
ثم لما عاد إلى المسجد انثال (1) الناس عليه وبايعوه عن رغبة، سوى جماعة من بني هاشم، وأبي سفيان من بني أمية، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه كان مشغولا بما أمره النبي (ص) من تجهيزه ودفنه وملازمة قبره من غير منازعة ولا مدافعة (2).
وكما هو واضح من النص هذا: أن الشورى لم تتحقق تاريخيا فلم يكن في السقيفة اجتماع شامل أو على الأقل واف لمن له حق المشورة وابداء الرأي ممن يعرفون باهل الحل والعقد.
ولم يدر بين من حضروا مشاورة ومفاوضة ومداولة في ترشيح من يستحقها من المسلمين.
وانما كانت مبادرة وكسب موقف من الشيخين (رض) لئلا تكون الإمامة في الأنصار.
ومع كل هذا وغيره استطاع مبدأ الشورى - بصفته النظرية لا التطبيقية لأنه لم ير النور تطبيقيا - ان يهيمن على الجو الفكري والعقائدي مدة خلافة الخلفاء الثلاثة.
وبدأت قوة سيطرته وتأثيرها من قولة عمر: ان بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، فأيما رجل بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فإنهما تغرة يجب أن يقتلا.. حتى لم يستطع بنو هاشم - وهم رهط رسول الله - إثارة الاحتجاج بالنص.
واستمرت تغذية هذا المبدأ سياسيا خلال هذه المدة لئلا يكون من علي وآل علي شئ يعترضه أو يعارضه، إلى أن تسلم الإمام علي زمام الحكم بعد مقتل عثمان، فبرز الاحتجاج منه بالنص.
ولعل أول ما كان منه هذا عندما جمع الناس في (الرحبة) فقال:
(انشد الله كل

(1) انثال الناس: تدافعوا اليه وتكاثروا حوله.
(2) 1 / 24 وانظر أيضا: مقالات الاسلاميين للأشعري ص 2.
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»