خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ١١٨
بمتكلم بالكلام الذي هو الحروف والأصوات، بل زعموا أنه متكلم بكلام النفس (1).
وعبروا عنه ب (الكلام النفسي) و (الكلام الأزلي) وقالوا عنه:
إنه معنى قائم في ذات المتكلم به.
والألفاظ في الحقيقة - ليست كلاما، وانما هي دوال على ذلك المعنى القائم في النفس (أو الكلام النفسي) الذي هو الكلام حقيقة.
واستشهدوا لذلك بقول الأخطل:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا فان الشاعر هنا اعتبر ما في النفس هو الكلام، والألفاظ اللسانية دوال عليه.
وذهبت الفرق الاسلامية الأخرى أمثال: الأمامية والمعتزلة والزيدية والأباضية والسلفية إلى أن الكلام هو هذا الذي نعرفه، وهو الكلمات المؤلفة من الأصوات والحروف. ويمكننا أن نسميه (الكلام اللفظي) في مقابل (الكلام النفسي).
وخلاصة ما استدل به الأشاعرة:
1 - أننا ندرك وجدانا أن المتكلم عندما يتكلم بلغة الألفاظ انما يعبر بها عن فكرة عنده أو إحساس لديه.
أي انه يعبر بالكلام اللفظي عما يحمل ويعتمل في نفسه من أفكار وأحاسيس، وهذا من الأمور الواضحة.
2 - ان الكلام اللفظي مركب من الأصوات والحروف، ومن البديهي ان كل مركب حادث، فيكون من المستحيل أن تتصف به الذات الإلهية لاستحالة اتصاف القديم بالصفة الحادثة، فلا مناص إذا من الالتزام بالكلام النفسي لأنه قديم، ليصح اطلاق المتكلم على الله سبحانه باعتبار اتصافه به.

(1) تلخيص المحصل 289.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»