ففي (عيون أخبار الرضا): (قال الرضا (ع) لسليمان المروزي: إن عليا (ع) كان يقول: العلم علمان.
فعلم علمه الله ملائكته ورسله، فما علمه الله ملائكته ورسله، فإنه يكون، ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله.
وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، يقدم منه ما يشاء، ويؤخر منه ما يشاء، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء (1).
يعني أن هذا النوع من القضاء هو مصدر البداء ومنه يؤخذ، كما سيأتي.
وبالنسبة إلى القسم الثاني (القضاء الموقوف) فهو الذي يقع فيه البداء، كما هو صريح رواية الفضيل المتقدمة.
ورواية الفضيل وأمثالها أفادت هذا من الآية الكريمة: (يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب) - الرعد 39 .
وهذا يعني ان مصدر فكرة البداء هو الآية المذكورة، وبخاصة أن الآية جاءت في سياق وعقيب آية هي قرينة على أن موضوع آية المحو والاثبات هو القضاء.
وهي - أعني الآية التي قبلها -: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية الا بإذن الله، لكل أجل كتاب) - الرعد 38 -.
وقرينيتها بما في قوله: (لكل أجل كتاب).
فصرف موضوع الآية أو تأويله بغير القضاء، كما حاول أكثر من مفسر غير سليم.
لأنه يتطلب إبطال قرينية الآية المذكورة وإثبات الموضوع التأويلي المدعى، بما لا يقبل الرد، وهذا غير متأت (2).