والآن وبعد أن تبينا ما هو البداء، وأنه اعتقاد سليم لا نسبة فيه للجهل إلى الله تعالى، وأن إنكاره يؤدي إلى نسبة العجز إلى الله تعالى عن ذلك - قد يكون من المفيد أن أشير إلى أن أكثر من ذكر البداء كعقيدة امامية استخدام في تعبيره عنها لغة النبز والتهكم.
ومن المعلوم منهجيا أن مثل هذه اللغة تبعد البحث عن النزاهة والباحث عن الموضوعية والصدق.
فكان الأولى أن تبحث المسألة بحثا علميا مقصودا به وجه الحق في القبول والرفض.
التكلم لا خلاف بين المسلمين في أن الله تعالى متكلم.
وقد دل على ذلك أيضا من القرآن الكريم قوله تعالى: (وكلم الله موسى تكليما) - النساء 164 وقوله تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) - الأعراف 143 -، وأمثال هاتين الآيتين.
ولكن اختلفوا في ماهية وحقيقة كلامه تعالى:
فذهبت الأشاعرة إلى أن كلامه تعالى: وصف قائم بذاته ليس بصوت ولا حرف، بل لا يشبه كلامه كلام غيره، كما لا يشبه وجوده وجود غيره (1).
والكلام بالحقيقة كلام النفس، وانما الأصوات قطعت حروفا للدلالات، كما يدل عليها تارة بالحركات والإشارات (2).
وقال الرازي في (المحصل): اما أصحابنا فقد اتفقوا على أن الله تعالى ليس