كما نتصور:
خالقا وخلقا ومخلوقا، ورازقا ورزقا ومرزوقا. والأول يعبر عن الموصوف، والثاني عن الصفة، والثالث عن الأثر.
وهذا يعني أن هناك فرقا بين (التكلم) و (الكلام) هو الفرق بين الصفة وأثرها.
والذي يبدو لي أن الذي ألجأ الأشاعرة إلى التعبير عن هذه الصفة ب (الكلام) ولم يعبروا عنها ب (التكلم) هو اصرارهم على أن القرآن الكريم غير مخلوق، وهو (كلام الله)، كما عبر عنه تعالى في مثل قوله: (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) - البقرة 75 -، وقوله: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) - التوبة 6 -، وكما هو الحق.
لأنهم إذا فسروا الكلام بالكلام اللفظي لا مناص لهم من القول بحدوث القرآن وأنه مخلوق، لأن القول بقدم الكلام اللفظي يستلزم ان يكون الله تعالى محلا للحوادث، لأن الحروف والأصوات من المركبات، والمركبات حوادث بالضرورة.
وهم لا يريدون ذلك، وبخاصة انهم يقولون بحدوث الكلام اللفظي، وانما الذي يريدونه - وباصرار - تأييد فكرة أو معتقد أن القرآن أزلي فقط.
تلك الفكرة التي قال بها قبلهم الحنابلة، وجرت عليهم من الويل والعذاب من قبل السلطة الحاكمة آنذاك الشئ الكثير.
من هنا أصروا على أزلية كلام الله تعالى الا انهم أرادوا أن يبتعدوا بالفكرة عما قد تنقد به من لزوم: الوقوع في محذور أن يكون الله تعالى محلا للحوادث فجاؤوا بفكرة الكلام النفسي، وقالوا بأزليته وقدمه، ليحافظوا على فكرة أزلية القرآن الكريم التي أصبحت بعد معركة خلق القرآن معلمة مذهبية من معالم العقيدة عند السنة.
ونخلص من هذا إلى:
أ - ان التكلم هو الصفة.
ب - أما الكلام فهو فعل من أفعاله تعالى يحدثه ويخلقه في الأجسام إذا أراد مخاطبة