الدراسات النقدية وأثرها في التقريب لم يكن النقد في التفسير موضوعا حديث الولادة، فلقد عرف النقد عند المتقدمين من شيوخ التفسير، فكثيرا ما يتناول المفسر أقوال غيره من المفسرين بالدرس والتحليل، مفندا أو مؤيدا أو مقارنا.
والنقد بهذا المدى ما زال شائعا في كتب التفسير الحديثة أيضا، وربما لا يخلو واحد من التفاسير من وقفات نقدية موزعة على جوانب متعددة.
غير أن هذا الموضوع قد أصبح حديثا موضوعا مستقلا قائما بذاته، وقد صنفت فيه كتب عديدة اتسم بعضها بالشمول، وتخصص بعضها بباب معين، أو طبقة معينة.
لكن الغالب على هذه الدراسات أنها اتخذت طابعا مذهبيا بحتا سلبها كثيرا من الموضوعية في الدراسة، والدقة في التقييم، فهي في الأغلب الأعم لا تتناول تفاسير المسلمين على حد سواء لتزنها بميزان واحد، وتقوم بدراستها وفق قواعد ثابتة مشتركة.
إذن عادت الآراء المذهبية لتفرض نفسها على المنهج النقدي أيضا، وهذه مشكلة كبيرة تحول دون وقوف القارئ المسلم وغير المسلم على الحقيقة المجردة من الأهواء والنزعات الطائفية.
إنها ظاهرة انتقلت إلى المنهج النقدي الذي كان ينبغي أن يكون علميا نزيها، فجعلت منه فنا جديدا من فنون الطائفية، وطريقا جديدا لظهورها!
ولعل أبرز عيوب هذه الدراسات النقدية ما يلي:
1 - اعتماد بعضها التصنيف المذهبي الطائفي للتفاسير، بدلا من التصنيف على أساس الطبقات، أو على أساس المناهج المعتمدة في التفسير.