تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٤
عين الجهالة بل الضلالة. اللهم إلا ما ينسب إلى بعض المجسمة من المقالات التي هي أشبه بالخرافات منها بالديانات، حتى قال بعضهم فيما ينسب إليه: اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما شئتم!
أما البداء الذي تقول به الشيعة والذي هو من أسرار آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وغامض علومهم - حتى ورد في أخبارهم الشريفة: أنه ما عبد الله بشئ مثل القول بالبداء، وأنه ما عرف الله حق معرفته ولم يعرف بالبداء... إلى كثير من أمثال ذلك - فهو عبارة عن إظهار الله جل شأنه أمرا يرسم في ألواح المحو والإثبات، وربما يطلع عليه بعض الملائكة المقربين أو أحد الأنبياء والمرسلين فيخبر الملك به النبي، والنبي يخبر به أمته، ثم يقع بعد ذلك خلافه لأنه محاه وأوجد في الخارج غيره.
وكل ذلك كان جلت عظمته يعلمه حق العلم، ولكن في علمه المخزون المصون الذي لم يطلع عليه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي ممتحن. وهذا المقام من العلم هو المعبر عنه في القرآن الكريم ب‍ أم الكتاب المشار إليه وإلى المقام الأول بقوله تعالى: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ (1).
ولا يتوهم الضعيف أن هذا الإخفاء والإبداء يكون من قبيل الإغراء بالجهل وبيان خلاف الواقع، فإن في ذلك حكما ومصالح تقصر عنها العقول وتقف عندها الألباب.
وبالجملة: فالبداء في عالم التكوين كالنسخ في عالم التشريع، فكما أن لنسخ الحكم وتبديله بحكم آخر مصالح وأسرارا بعضها غامض وبعضها

(١) الرعد ١٣: 39.
(٥٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 ... » »»