ويقول عليه السلام في هذه الخطبة في موضع آخر:
فيمن هذا ولهذا يأرز (1) العلم إذا لم يوجد له حملة يحفظونه ويروونه، كما سمعوه من العلماء ويصدقون عليهم فيه. اللهم فإني لأعلم أن العلم لا يأرز كله ولا ينقطع مواده، وأنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور، كيلا تبطل حجتك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم ، بل أين هم؟ وكم هم أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا؟
2 - ما جاء في (كمال الدين: 289 - 294) بأربعة عشر سندا، عن كميل بن زياد، ورواه في نهج البلاغة: 139:
قال كميل: أخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بيدي فأخرجني إلى ظهر الكوفة، فلما أصحر تنفس، ثم قال:
يا كميل! إن هذه القلوب أوعية: فخيرها أوعاها، أحفظ عني ما أقول لك ... إلى أن قال: اللهم بلى! لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ظاهر أو خائف مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك؟ أولئك والله الأقلون عددا، والأعظمون خطرا، بهم يحفظ الله حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم. هجم بهم العلم على حقائق الأمور، فباشروا روح اليقين واستدانوا ما استوعر المترفون، وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون. صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى. يا كميل! أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه. آه آه! شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولكم.