تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٤٦١
وأما قوله: حتى كتاب الله ليس حجة إلا به فهو كلام باطل، والثابت من مذهب الإمامية المستفيضة به نصوصهم أن ما خالف كتاب الله من الأحاديث فهو ساقط عن الاعتبار.
وقال في نفس الصفحة: عند الشيعة: الإمام هو الحجة على أهل الأرض وأمان للناس، ولو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله .
أقول: السر في ذلك أن الإنسان موجود أعطي له الاختيار في طاعة الله ومعصيته، فإن اختار طاعة الله كان أفضل الموجودات وأشرفها، لأن سائر الموجودات من ذوي الشعور وغيره لا يقدرون على طاعة الله بالاختيار، وإن كان كلها مطيعا له بالفطرة يسبحون الله بحسب الخلقة، قال الله تعالى:
﴿وإن من شئ إلا يسبح بحمده﴾ (١).
فأراد الله تعالى إبداع أشرف الموجودات، فتعلقت مشيئته بإبداع نوع بين أنواع الحيوان الذي هو موجود له إحساس وشعور وإرادة، يكون هذا النوع أكمل أنواعه في الإحساس والشعور وقوة الإدراك، فأعطاه الخصيصة المذكورة، أعني:
خصيصة اختيار طاعة الله وعصيانه، قال الله تعالى:
﴿إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا﴾ (2).
فخلق الإنسان وأعطاه هذا الاختيار، ومن البديهي أن كونه واجدا للاختيار بالنسبة إلى الطاعة يستلزم كونه واجدا للاختيار بالنسبة إلى

(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»