المعصية، وإلا كان مجبورا على الطاعة، فأبناء هذه السلسلة قد يختارون الطاعة، وقد يختارون المعصية ما دام هذا النسل باقيا على وجه الأرض.
ولابد ألا يخلو هذا النسل ما دام باقيا من إنسان يطيع الله بالاختيار لمحض الطاعة ولا يخالطها بالمعصية وهو غاية كمال الإنسانية، وهو الواصل إلى ما أريد من إبداع هذا النوع من البشر.
وهذا وإن كان بمحض الاختيار وليس بالإرادة القاهرة من ناحية الله، ولكن الله يعلم قبل إبداع الإنسان أنه يكون في ذرية الإنسان في كل عصر وزمان فرد يبلغ هذه المرتبة من الكمال، فلو كان الله الذي هو علام الغيوب يعلم أنه لا يكون من أبناء هذا النوع الكامل في كل عصر من الأعصار من يبلغ هذه المرتبة، ويكون بقاء هذه السلسلة خاليا عن غرضه، لقطع السلسلة وأفناهم في عصر الفترة وخلو نوع الإنسان عن ذلك الفرد السامي، ثم شرع ثانيا بإبداع الإنسان عن كتم العدم في عصر كان الإنسان مشتملا على من يبلغ إلى تلك المرتبة، وهو غاية نوع الإنسان والمثل الكامل للإنسانية وحجة الله عليهم.
نعم! الغرض الأقصى من إبداع نوع الإنسان وخلقه - بشهادة القرآن الكريم هو العبودية والطاعة، قال الله تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ (1).
والمحقق للغرض الأعلى لإبداع نوع الإنسان وخلقته ونشأة فرد منه لم يخلط الطاعة بالمعصية والعبودية بالتمرد، ولم يلبس العرفان بالله والمعرفة به بالجهل والجهالة.