تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٣
غير أن نظارة التنقيب لا تزال مكبرة لها من شتى النواحي:
الأولى: قوله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟!. وهو يعطي إثبات كل ما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من رتبة وعمل ومقام ونهضة وحكم وإمارة وسيادة لأمير المؤمنين، عدا ما أخرجه الاستثناء من النبوة، كما كان هارون من موسى كذلك. فهو خلافة عنه صلى الله عليه وآله وسلم وإنزال لعلي عليه السلام منزلة نفسه، لا محض استعمال كما يظنه الظانون، فقد استعمل صلى الله عليه وآله وسلم قبل هذه على البلاد أناسا، وعلى المدينة آخرين، وأمر على السرايا رجالا، لم يقل في أحد منهم ما قاله في هذا الموقف، فهي منقبة تخص أمير المؤمنين عليه السلام فحسب.
الثانية: قوله صلى الله عليه وآله وسلم - فيما مر - عن سعد بن أبي وقاص:
كذبوا ولكن خلفتك لما ورائي. لما طعن رجال من المنافقين في إمرة علي عليه السلام، ولا يوعز صلى الله عليه وآله وسلم به إلا إلى ما أشرنا إليه عن خشية الإرجاف بالمدينة عند مغيبه، وأن إبقاءه كان لإبقاء بيضة الدين عن أن تنتهك، وحذار أن يتسع خرقها بهملجة المنافقين، لولا هناك من يطأ فورتهم بأخمص بأسه وحجاه، فكان قد خلفه لمهمة لا ينوء بها غيره.
الثالثة: قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام في حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم، قالا: قال حين أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يغزو:
إنه لابد من أن أقيم أو تقيم، فخلفه، الحديث (1).
وهو يدل على أن بقاء أمير المؤمنين عليه السلام على حد بقاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلاءة بيضة الدين، وإرحاض معرة المفسدين، فهو أمر واحد يقام بكل منهما على حد سواء، وناهيك به من منزلة ومقام!.

(١) أخرجه الطبراني بإسنادين: أحدهما رجاله: رجال الصحيح إلا ميمون البصري، وهو ثقة، وثقه ابن حبان، كما في مجمع الزوائد ٩: ١١١، راجع ما مر في الجزء الأول: 71.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»