أهكذا يفعل بودائع النبوة؟!
أهكذا تلعب يد الأمانة بالسنة والعلم والدين؟!
والأعجب: أنه عطف بعد ذلك على فقرات من الحديث، وهو يحاول تفنيدها ويحسبها من الأكاذيب، منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي!
فارتآه كذبا مستدلا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذهب غير مرة وخليفته على المدينة غير علي عليه السلام!.
ومن استشف الحقيقة من هذا الموقف علم أنها وقضية شخصية لا تعدو قصة تبوك ، لما كان صلى الله عليه وآله وسلم يعلمه من عدم وقوع الحرب فيها، وكانت حاجة المدينة إلى خلافة مثل أمير المؤمنين عليها مسيسة لما تداخل القوم من عظمة ملك الروم (هرقل) وتقدم جحفله الجرار، وكانوا يحسبون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحشده الملتف به لا قبل لهم به، ومن هنا تخلف المتخلفون من المنافقين، فكان أقرب الحالات في المدينة بعد غيبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يرجف بها المنافقون للفت في عضد صاحب الرسالة، والتزلف إلى عامل بلاد الروم الزاحف.
فكان من واجب الحالة عندئذ أن يخلف عليها أمير المؤمنين عليه السلام المهيب في أعين القوم، والعظيم في النفوس الجامحة، وقد عرفوه بالبأس الشديد، والبطش الصارم، اتقاء بادرة ذلك الشر المترقب. وإلا فأمير المؤمنين عليه السلام لم يتخلف عن مشهد حضره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا تبوك (1)،