بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٣٠
وما ورد في هذه الآيات من ظهور فيضه سبحانه على خاصة أوليائه إنما هو من باب الكرامة لا الإعجاز، فلم تكن مريم " عليها السلام " مدعية للنبوة حتى تتحدى بهذه الكرامة، بل كان تفضلا من الله سبحانه عليها في فترات متلاحقة.
ويقرب مما ذكرنا قوله سبحانه: * (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا... * فلما أن جاء البشير ألقيه على وجهه فارتد بصيرا) *. (1) ومما لا شك فيه أن يوسف لم يكن مدعيا للنبوة أمام إخوته حتى يتحدى بهذه الكرامة، وإنما كان تفضلا من الله عن هذا الطريق لإعادة بصر أبيه يعقوب.
هذه الآيات توقفنا على أنه سبحانه: يجري فيضه على عباده عن طريقين فتارة عن طريق الأسباب العادية، وأخرى عن طريق أسباب غير عادية.
وأما تأثير تلكم الأسباب غير العادية كالأسباب العادية فكلها بإذن الله سبحانه.
وعلى ضوء ذلك كان المسلمون يتبركون بآثار رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " حيث يتبركون بشعره وبفضل وضوئه وثيابه وآنيته ومس جسده الشريف، إلى غير ذلك من آثاره الشريفة

1. يوسف / 93 - 96.
(١٣٠)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»