بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٣٢
إن تبرك الصحابة لم يقتصر على ذلك بل كانوا يتبركون بماء أدخل فيه يده المباركة، وبماء من الآنية التي شرب منها، وبشعره، وعرقه، وظفره، والقدح الذي شرب منه، وموضع فمه، ومنبره، والدنانير التي أعطاها، وقبره وجرت عادتهم على التبرك به، ووضع الخد عليه والبكاء عنده.
وقد ألف المحقق العلامة محمد طاهر بن عبد القادر كتابا باسم " تبرك الصحابة "، وهو من علماء مكة المكرمة قال فيه:
أجمعت صحابة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " على التبرك بآثار رسول الله والاهتمام في جمعها وهم الهداة المهديون والقدوة الصالحون فيتبركون بشعره وبفضل وضوئه وعرقه وثيابه وآنيته وبمس جسده الشريف، وبغير ذلك مما عرف من آثاره الشريفة التي صحت به الأخبار عن الأخيار.
وقد وقع التبرك ببعض آثاره في عهده وأقره ولم ينكر عليه، فدل ذلك دلالة قاطعة على مشروعيته، ولو لم يكن مشروعا لنهى عنه وحذر منه.
وكما تدل الأخبار الصحيحة وإجماع الصحابة على مشروعيته تدل على قوة إيمان المتبركين وشدة محبتهم وموالاتهم ومتابعتهم للرسول الأعظم " صلى الله عليه وآله وسلم " كقول الشاعر:
أمر على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا (1)

1. تبرك الصحابة: 50.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»