الولاية التكوينية ، الحق الطبيعي للمعصوم (ص) - الشيخ جلال الصغير - الصفحة ١٦٤
وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) (1) أن الله سبحانه وتعالى حينما عرض أمانة مسؤولية الكون كل الكون - ضمن سياق القدرة التكوينية (2) - حملها
١ - الأحزاب: ٧٢.
2 - لم تكن عملية العرض هنا عملية سؤال وجواب تشريعيين بمعنى أنه لم يكن هناك حوار بين الله ومخلوقاته قال الله فيه للسماوات والأرض والجبال أن يحملن عبئ أمانة السماء فجاء جوابهن أنهن رفضن العرض، وإنما كان الحوار ضمن سياق قدراتها التكوينية، ولأن الطبيعة التكوينية للإنسان كونه مختارا ويتمتع بقابلية العقل وهو أمر لازم لخمل الأمانة، لذا فقد حمل الأمانة المعبر عنها في الآية الكريمة.
ولا يعني وصفه بالظلموالجهل أنه يسري لكل أفراد هذا الإنسان، لأن ذلك تعني أن الله جل وعلا قد كلف الظلوم الجهول بهذه الأمانة في الوقت الذي كان سبحانه وتعالى قد تعهد على أن لا ينيل الظالم عهده كما أوضحته الآية القرآنية:
(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) [البقرة: 124]. وحيث أن عرض الله سبحانه لا يتخلف لذا لا بد من وجود جهة يتعلق بها هذا الحمل، وهذه الجهة تتصف بعدم الظلموالجهل مما يقتضي كونها معصومة، ولربما يذهب بعض المفسرين إلى القول بأن الإنسان كلما ابتعد عن الظلموالجهل كلما كان جديرا بحمل هذه الأمانة، وهو غير متعارض مع ذلك، إذ عنده يكون المعصوم هو جهة الإنسان الكامل، وما سواه مما يسير باتجاهه فتأمل..