المنتخب من الصحاح الستة - محمد حياة الأنصاري - الصفحة ٧١
(حدثنا) محمد بن يوسف، نا سفيان، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تحشرون حفاة عراة غرلا ثم قرأ (كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) فأول من يكسى إبراهيم ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، فأقول: أصحابي، فيقال: إنهم لن يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول:
كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد أن تعذبهم فإنهم عبادك وأن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ".
قال محمد بن يوسف الفربري: ذكر عن أبي بكر عبد الله، عن قبيصة قال: هم المرتدون الذين ارتدوا على عهد أبي بكر فقاتلهم أبو بكر.
أخرجه البخاري في باب قوله تعالى واذكر في الكتاب مريم من كتاب الأنبياء (1 / 490)

* (قول الفربري: هم المرتدون الذين ارتدوا على عهد أبي بكر) هذا التأويل باطل، ومن العجيب أن جملة المحدثين قد حملوها على قوم من الأعراب الذين امتنعوا من بعد النبي صلى الله عليه وسلم من أداء الزكاة إلى أبي بكر كمالك بن نويرة وغيره، هذا التأويل بعيد في لفظين (الأول) في لفظ الأصحاب فإنه يطلق على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم وكان معه دائما في ليله ونهاره وسفره وحضره وحروبه وغزواته وجمعته وجماعته (بل أصح من هو معه في غاره ومزاره) كأبي بكر وعمر ونظائرهما لا مثل مالك بن نويرة وغيره ممن سكنه خارج المدينة على فراسخ ولم ير النبي صلى الله عليه وآله طول عمره إلا مرة أو مرتين أو ما يقرب من ذلك (والثاني) أن لنا جملة من الأخبار الواردة في هذا الباب وفيها إشارة جليلة على أن المراد من الأصحاب الذين قد أحدثوا من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدثوا هم أبو بكر وعمر وأمثالهما من صحب النبي صلى الله عليه وآله لا مثل مالك بن نويرة ويدل على أحداث أبي بكر وغيره ما رواه مالك في " الموطأ " (٢ / ٤٦٢) في كتاب الجهاد، أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وآله قال لشهداء أحد: " هؤلاء اشهد لهم فقال أبو بكر: ألسنا يا رسول الله: إخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا فقال النبي صلى الله عليه وآله: " بلى " ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي؟ فبكى أبو بكر ثم بكى قال: ائنا لكائنون بعدك؟ وفي هذا الحديث دليل واضح على ارتداد أبي بكر ومن سلك على نهجه وقد ثبت عن الإمام الحسن بن علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يبغضنا ولا يحسدنا أحد إلا زيل عن الحوض يوم القيامة بسياط من نار " أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (3 / 203 برقم 2426)
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»