وأني راودتها عن نفسها، فأبت، إلا أن آتيها بمئة دينار، فطلبتها حتى قدرت، فأتيتها بها، فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه! فقمت وتركت المئة دينار.. فإن كنت تعلم اني فعلت ذلك من خشيتك، ففرج عنا... ففرج الله عنهم فخرجوا (١).
ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد بهذا الحديث أن يمتع أصحابه بقصة من قصص الغابرين، إنما كان يريد ما فيها من دروس وعبر، فهي بعد ما تتركه من أثر وثيق في شحذ الأرواح وزيادة اليقين، تؤدي دور التعليم لواحد من سبل الخلاص من الشدائد، ألا وهو التوسل بالاعمال الصالحات.
وفي بعض التفاسير أن المراد بأصحاب الرقيم في قوله تعالى: ﴿أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا﴾ (٢) هم هؤلاء النفر الثلاثة.
قال الطبرسي، في ذكر الوجوه الواردة في معنى الرقيم: وقيل أصحاب الرقيم هم النفر الثلاثة الذين دخلوا في غار، فانسد عليهم، فقالوا: ليدع الله تعالى كل واحد منا بعمله حتى يفرج الله عنا، ففعلوا، فنجاهم الله. قال: رواء النعمان بن بشير، مرفوعا (٣).
- وفي هذا الباب أيضا التوسل بالكشف عن الاعتقاد المرضي عند الله جل شأنه، كالذي يستفاد من قوله تعالى: ﴿الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار﴾ (4). فقدموا الايمان وسيلة بين يدي دعائهم.