لدعاء، لأن الأمر مفروغ منه) (1).
وقد تسرب هذا الاعتقاد في جملة ما تسرب من معتقدات اليهود والإسرائيليات إلى التراث الإسلامي العريق الذي ينبذ بوضوحه وإشراقه كل وافد غريب لا يمت إلى الدين القويم وشرعة الإسلام الحنيف بصلة.
وكان من جملة الإثارات حول هذا الموضوع، أن قالوا: (إن المطلوب بالدعاء إن كان معلوم الوقوع عند الله تعالى، كان واجب الوقوع، فلا حاجة إلى الدعاء، وإن كان غير معلوم الوقوع، كان ممتنع الوقوع، فلا حاجة أيضا إلى الدعاء) (2).
وقالوا: (المدعو إن كان قدرا، لم يكن بد من وقوعه، دعا به العبد أو لم يدع، وإن لم يكن قدرا لم يقع سواء سأله العبد أم لم يسأله) (3).
ومع وضوح الإجابة عن مثل هذه التساؤلات من خلال محكمات الكتاب الكريم والسنة المطهرة على ما سيأتي بيانه، إلا أن البعض ظن بصحتها، فتركوا الدعاء وسائر أعمال البر، لاعتقادهم بأن للإنسان مصيرا واحدا لا يمكن تغييره ولا تبديله، وأنه ينال ما قدر له من الخير أو الشر.
ولا شك أن ذلك ناشئ عن فرط جهلهم بظنهم أن الدعاء أمر خارج عن نطاق القضاء والقدر ويعيد عن الحكمة الإلهية، والواقع أن الدعاء وإجابته من أجزاء القضاء والقدر، وأن المقدر معلق بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، ومتى أتى العبد بالسبب وقع المقدر، وإذا لم يأت بالسبب انتفى