الدعاء حقيقته ، آدابه ، آثاره - مركز الرسالة - الصفحة ١١٠
السعادة إلى الشقاء، قال تعالى: * (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) * (١).
والتغيير الذي في لوح المحو والإثبات لا يمس بكامل علم الله تعالى، فليس هو انتقال من عزيمة إلى عزيمة، وليس هو حصول للعلم بعد الجهل، وليس هو معارضا للتقدير الأول، بل إن الله تعالى عالم بما يؤول إليه مصير الإنسان في لوح المحو والإثبات، والظهور بعد الخفاء هو بالنسبة لنا، لا إلى علمه تعالى المحيط بكل شئ، وذلك كالنسخ في التشريع الذي لا يختلف عليه أهل العدل.
قال الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) *: ﴿فكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه، ليس شئ يبدو له إلا وقد كان في علمه، إن الله لا يبدو له من جهل﴾ (2).
وقال (عليه السلام): (من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شئ لم يعلمه أمس، فأبرؤوا منه) (3).
ومما تقدم تبين أن الإنسان لم يكن محكوما بمصير واحد مقدور غير قابل للتغير والتبديل، بل أنه يستطيع أن يغير مصيره لكي ينال سعادة الدارين بحسن أفعاله وصلاح أعماله، ومنها الدعاء والتضرع، وقد صح عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) أنه قال: " لا ينفع الحذر من القدر، ولكن الله

(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 » »»