الدعاء حقيقته ، آدابه ، آثاره - مركز الرسالة - الصفحة ١٠٨
المقدر، ويعتبر الدعاء من أقوى الأسباب، وليس شئ من الأسباب أنفع منه ولا أبلغ في حصول المطلوب، لما ورد في فضله من آيات الكتاب وصحيح الأثر، فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال لا فائدة في الدعاء.
وفيما يلي نجيب عن هذه الشبهة بشئ من التفصيل:
علمه تعالى:
قيل: إن تغيير مصير الإنسان بالدعاء وغيره من أعمال البر يقتضي التغيير فيما قدره الله تعالى في علمه الأزلي، وذلك يعني تغيير علمه تعالى، وهو محال.
نقول: إن الله تعالى عالم بمصير الأشياء كلها غابرها وحاضرها ومستقبلها، وعلمه هذا أزلي قديم لا يتصور فيه الظهور بعد الخفاء ولا العلم بعد الجهل، قال تعالى: * (إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء) * (1).
وقال الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام): (لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء، كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء) (2).
أم الكتاب ولوح المحو والإثبات:
إن لعلمه تعالى مظاهر عبر عنها في الكتاب الكريم، منها أم الكتاب، وهذا المظهر يعبر عن علمه الأزلي المحيط بكل شئ، والذي هو عين

(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 » »»