الدعاء حقيقته ، آدابه ، آثاره - مركز الرسالة - الصفحة ١٠٩
ذاته، لا يتطرق إليه التغيير والتبديل، قال تعالى: * (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) * (1)، وفي أم الكتاب التقدير القطعي الذي يشتمل على جميع السنن الثابتة الحاكمة على الكون والإنسان.
والمظهر الآخر من علمه تعالى هو المعبر عنه بلوح المحو والإثبات، ولله تعالى فيه المشيئة يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء حسب ما تقتضيه حال العباد من حسن الأفعال أو قبحها التي تؤدي بالإنسان إلى السعادة أو الشقاء، قال تعالى: * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * (2).
قال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (من الأمور أمور محتومة جائية لا محالة، ومن الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء، ويثبت منها ما يشاء) (3).
وفي لوح المحو والإثبات يكتب التقدير الأول، ولكنه يعلق بتحقق شرطه أو زوال مانعه، أي إنه موقوف على أعمال العباد، فالدعاء والذكر والصدقة وصلة الأرحام وبر الوالدين واصطناع المعروف، تحول شقاء الإنسان إلى سعادة، بأن تنسئ في أجله وتقيه مصارع الهوان وتدفع عنه ميتة السوء وتزكي أعماله وتنمي أمواله، وما إلى ذلك من الآثار الكثيرة الحسنة الواردة في الكتاب الكريم والحديث الصحيح.
وعلى العكس من ذلك فإن اقتراف الذنوب وارتكاب السيئات كقطيعة الرحم وعقوق الوالدين وسوء الخلق وغيرها تحول مصير الإنسان من

(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 » »»